مكانة اليمن في الحضارات العربية الفنية
تعاظمت مكانة اليمن وحضارته القديمة في الحضارات العربية الأخرى نتيجة لعوامل عديدة، نذكر أهمها كما يلي: العامل الأول : الموقع الجغرافي لليمن لقد كان الموقع اليمن في الجزيرة العربية، وإشرافها على مضيق باب المندب والبحر العربي وخليج عدن، وقربها من شرق أفريقيا، وإطلالها من جزيرة سوقطري على المحيط الهندي دور كبير في جعلها البوابة الحضارية الجنوبية للحضارات العربية القديمةالمتقاربة معها جغرافيا.
العامل الثاني : أصل العرب ونشأتهم : يتفق معظم المؤرخين على أن شبه الجزيرة العربية كانت مهد للعرب منذ أقدم التاريخ، وأن اليمن هي الموطن الأول للإنسان العربي، وأن حضارتها القديمة كانت سببا في تحضر الشعوب العربية القديمة، وأن نسب العرب يعودإلى سام بن نوح وفروعه اللذين احتظنتهم اليمن، ولذلك أطلق عليهم لقب "الساميون"، فلا غرابة إذا أن تكون اليمن هي المهد الأصلي للعرب، وموطن نشأتهم الأولى، ومنبع حضارتهم العربية القديمة، ومصدر الهجرات التي عمرت مواطن تلك الحضارات .
العامل الثالث : الهجرات العربية القديمة :
تسببت الكوارث البيئية التي أصابت اليمن القديم ( خلال الألف الثالث والثاني قبل الميلاد في حدوث الهجرات العربية القديمة، حيث لم تبق الظروف المناخية في جنوب الجزيرة العربية مناسبة كما كانت، فقد حل الجفاف وانحبست الأمطار ونضبت الينابيع والعيون والآبار وتدهورت الأراضي الزراعية، وأثرت تلك التغيرات المناخية على حياة السكان، وواجهتهم بتحديات الاستمرار والبقاء أو البحث عن مواطن أخرى ذات موارد مائية وأراض خصبة ، وهكذا بدأت الهجرات العربية القديمة. ولكي تتعرف على المواطن التي هاجروا إليها تأمل الصورة التالية.
العامل الرابع : الصلات بين الحضارات اليمنية والعربية القديمة : أقام أبناء الحضارة اليمنية القديمةالعديد من الصلات مع أبناء الحضارات العربية الأخرى، ومن أهم هذه الصلات:
١- الصلات التجارية : كانت التجارة وطرقها البرية والبحرية، وأسواقها في الجزيرة وخارجها، وسلعها وبضائعها، المدخل الرئيس بالحضارات العربية الأخرى، وذلك لتسويق منتجاتها وفي مقدمتها البخور والطيوب والعطور والمنسوجات والسيوف وغيرها ونقل السلع الشرقية والإفريقية التي كانت تمر عبر الموانئ والمدن اليمنية، وجلب المنتجات التي كانت تنتجها تلك الحضارات. ولكي تتعرف على الطرق التجارية التي تربط بين اليمن القديم والبلدان العربية الأخرى.
۲ - الصلات الثقافية : شكلت طرق التجارة وأسواقها ومدنها ومحطاتها وقوافلها البرية وسفنها البحرية قنوات للتفاعل الثقافي والاقتباس اللغوي والتأثر الديني والتمازج الاجتماعي بين أبناء حضارة اليمن القديم وأبناءالحضارات العربية القديمة الأخرى، فمثلا تشابهت عباداتهم للكواكب مثل الشمس والقمر، وتقاربت لغاتهم في المفردات، كما في الصورة التالية.